الفصل العاشر ### وصية سوسن

اهنئك على عودة بصرك
واريد ان احكي لك حكايتي ما عجزت عن قوله بلساني اكتبه لك هنا برسالتي الاخيرة
لقد ولدت من أم مصابة بسرطان الدم و قبلها كانت والدتها ايضا قد توفيت بنفس المرض كما هي والدتي
وقد انتقل بدوره الي و انا احتضر اثناء كتابتي لتلك الرسالة
لم اشاء ابلاغك بمرضي حتى لا يؤثر ذلك على سير حياتك
لقد عشت طفولتي يتيمة الام بالرغم من ان اختي سلوى لم تقصر معي و كانت لي الاخت و الام و الصدر الحنون
لكنها تبقى اختي و ليست امي
كان الالم يعتصر قلبي كلما رايت فتاة تمسك بيد امها
لم اكن اجتماعية و لم اخالط احد كان الجميع ينبذني و ينظر اليي على انني غريبة الاطوار
كثير من الفتيات كانوا ينفرون مني و البعض منهم كان يضايقني اما بكلامه او افعاله
دفنت نفسي في المكتبة و بين الكتب
حبست نفسي في غرفتي و كان عالمي هو صندوق اسود هو ما تبقى لي من امي
كنت اضع فيه كل ما احبه
في المدرسة الثانوية كنت اسمع من الفتيات يتهامسون حول حنان و فادي
تسالت كثيرا من هو فادي و لماذا الجميع يتحدث عنه الى ان أتت تلك اللحظة التي اصطدم راسي براس شاب
تنازل و اقترب ليلملم اشيائي التي سقطت على الارض
كانت دمعوعي تصارع لتخرج من عيناي
واستطاعت احد تلك الدموع الخروج لكن هذا الشاب بكل انسانية اخرج منديله و مسح تلك الدمعة
لم يكتفي بهذا بل انه اهداني منديله و قال لي " الدنيا حلوة بس نفهمها و مهما مر علينا فيها من آلام و أحزان سوف نكون بعد ذلك سعداء لانه لو لم نذق الم الحزن لما كنا سنشعر بطعم السعادة "
تلك الكلمات اخرجتني من عالمي المنغلق الى العالم المفتوح
قررت بعدها ان اسير على خطاه
عرفت ان هذا الشاب هو فادي و عرفت لماذا الجميع يحبه فهو يملك اطيب قلب عرفته روحه النقية تجعل الجميع يحبه
وانا كنت من هؤلاء عشت ايامي التالية افكر بطريقة لاساعد الاخرين
في احد الايام كنت اعبر الشارع فاذا بشاب يمشي على عكازات يتعثر في الطريق و يسقط فتقدمت اليه لاساعده على الوقوف
في البداية نهرني و قال لي ابتعدي لست بحاجة لمساعدة احد كان الغضب يتطاير من عينيه لم ابالي بما قال و ساعدته على الوقوف
و قلت له : الدنيا حلوة بس نفهمها و مهما مر علينا فيها من آلام و أحزان سوف نكون بعد ذلك سعداء لانه لو لم نذق الم الحزن لما كنا سنشعر بطعم السعادة ، و ليس كل الناس سواسية فنحن باخلاقنا وقلوبنا نصنع حياتنا و اصدقائنا و احبائنا
و تركته و ذهبت في طريقي هنا قررت مسار حياتي مركز خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة
دخلت معهد التمريض و من بعد ذلك ذهبت الى المركز و قدمت اوراقي و تم قبولي فيه بعد ذلك كانت المفاجئة بان اراك تدخل المركز و انت ضرير
تسائلت في نفسي هل هذا هو فادي ذو القلب الطيب و المحبوب
لماذا حدث له هذا
لكن في نهاية الامر قلت هذه مشيئة الله و لله في خلقه شؤون و لا بد ان ما حدث فيه حكمة ستظهر مع الايام
على مدى عام كامل كنت افكر بكيف اجعلك تنطق تتحدث كنت صامتا طيلة العام الى ان طلبت مني ان آخذك في نزهة الى شجرة الصفصاف
كنت سعيدة انك بدات تتحدث اردت الاسترسال في الحديث لكنك صمتت و لم تتكلم فآثرت الصمت
في اليوم التالي قرات في الصحيفة عن مدرب حيوانات فذهبت اليه و سالته اذا ما كان يوجد شيء يمكن ان ينفع الشخص الضرير و اخبرني عن وجود كلاب مدربة لتقود الاشخاص الضريرين و قد اشتريت احدها لك
علمت بما حدث مع حنان و كيف انك وهبتها عيناك لكن الامر الذي لم افهمه في البداية هو لماذا لم تعيشا سوية و لماذا قررت انت ان تبتعد عنها و لماذا هي وافقتك على قرارك
الى ان عرفت ذلك بعد ان بدات افهم شعورك جيدا .
في الايام التالية زاد حبك في قلبي و زاد هيامي بك
لكن لم اتمكن من مصارحتك ابدا فكل ما تفعله يؤكد لي ان قلبك لا يتسع سوى لشخص واحد فقط وهو حنان بالرغم من كبر قلبك الا ان حنان هي الوحيدة التي تحيى بداخله
تتبعت اخبارها و كنت اسجل جميع لقائتها و اخبارها ستجدها في الصندوق الاسود مع بقية مقتنياتي
لقد اقتربت ايامي على نهايتها وجودي معك انساني الامي كلها لم اكن اشعر بالالم اثناء وجودي معك رفضت العلاج الكيميائي حتى لا يسقط شعري فقد كنت اشعر بسعادة غامرة و انت تمرر يديك بين خصلاته و ايضا حتى لا اثير تسائلاتك و قلقك
كنت سعيدة جدا عندما اقترحت علي ان تتبنى ابناء شقيقتي احمد و سوسن فقد كنت قلقة ماذا سيحدث لهما اذا ما انتقلت الى العالم الآخر
لقد فرحت جدا عندما شاهدت حنان واقفة امامي في الحديقة قبل ان تسقط مغشي عليها
لقد ذهبت اليها و اخبرتها بكل ما حدث وهي الان تنظرك في صالة ضيوف المشفى على احر من الجمر
لم ارد ان افارق الحياة بدون ان اترك لك ذكرى
عيناي هما لك الان و انت تقراء آخر ما كتبته , فعش بهما و انظر الى حياة الجميلة بهما و تمتع مع حنان و اعتني جيدا بسوسن و احمد
لقد فهمت حكمة القدر ان ما حدث كان سبب لسعادة الكثير و تيسير السبل الى الاعتناء بيتيمين ما كان ليكون لهما احدا لولا العناية الالاهية بهم و تسخيرنا للاعتناء بهما
تركت لك صندوقي الاسود اتمنى ان تعتني به و تقدمه لسوسن عندما تكبر فقد جمعت فيه ذكريات والدتها ايضا
استمتع بالحياة و عش حياتك بسعادة و هناء
تمنياتي لك بالتوفيق انت و حنان
حبي و اشواقي سوسن .


...

هنا انهى فادي قراءة الرسالة "الوصية" نظر الى الطبيب و الدموع تكاد تخرج من عينيه بل سقطت دمعة من عينه لاول مرة تذرف عين فادي الدموع فهو لم يسبق و ان بكى من قبل

لكنه لم يستطع ان يقاوم ما فعلته سوسن

قبل ان ينبس ببنت شفة قال له الطبيب سوسن و احمد ينتظرانك على المقعد في الخارج خذ المصعد الى اليمين و انزل الى الدور الارضي و توجه لليمين حيث هي صالة انتظار الضيوف و هناك ستجد حنان بانتظارك

ساله فادي ماذا عن الصندوق الاسود ؟؟؟

فقال له الطبيب سأجلبه لك مساء اليوم الى الشقة :)

شكره فادي و غادر غرفة الطبيب و حمل سوسن و قبلها و قبل احمد و امسكه بيده و توجها الى المصعد و نزلا الى الطابق الارضي
و هناك وجد لوحة مكتوب عليها الخروج الي يساره و صالة الانتظار الى يمينه

بدأت الافكار تتضارب في راس فادي
هل يذهب الى حنان ؟؟؟ هل سترضى حنان بالعيش مع احمد و سوسن ؟؟؟ هل ستكون لهم كأمهم او حتى خالتهم ؟؟؟
ام يغادر المستشفى و يطوي صفحة حنان و يكرس بقية حياته للاعتناء بسوسن و احمد ؟؟؟

يا ترى ماذا اختار فادي ؟؟؟

الى اللقاء في قصة اخرى

:)
تحياتي ...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سايكي و ايروس

أسطورة أورفيوس و يوريدس # معزوفة حب حزينة

الشخصيـــــة الســـــــــاحرة