ذكريات من لبنان في 1989

جدي كان لديه العديد من الاغنام وكان لديه بغلة بيضاء كان في كل يوم يخرجها من
الحظيرة و يلف بها الضيعة و يعيدها في الظهر الى الحظيرة لمن لا يعرف من هو البغل (البغل
هو هجين بين حمار و حصان)



كانت لديه بقرة و كان يمتلك حقلا من الخضار يزرع فيه خيار و بندورة و بازلاء و
فاصوليا و غيرها من الخضار



كان لديه العديد من الغنم و الخراف و الدجاج و ديك واحد كنت اعتقد ان الديك لحراسة
الدجاج



كان لديه العديد من خلايا النحل كم هي رائعة حياة الضيعة حليب طازج و خضار طبيعية و
عسل من الخلية الى الصحن مباشرة و حليب طازج من ثدي البقرة و العنزة الى القدر
ليغلي ثم نشربه كان رئعا افضل من الحليب المجفف و المتوفر بالسوق



ايام رائعة قبل سبع سنوات كنت في لبنان فسألت جدي عن الحظيرة و الحقل و خلايا النحل




فقال لي كبرنا على هذه الاشياء و عمتك الصغيرة اللي كانت تساعدني تزوجت و سافرت و
ما عاد فيني قوة على هذه الاشياء



الحظيرة الجميلة تحولت الى محلات للايجار



الحقل اللذي كان مليئا بانواع الخضار اصبح ارضى بور تملؤها النفايات



خلايا النحل التي كان يمتلكها باعها جميعها و لم يترك سوى خلية واحدة فقط



الغنم و البقر و الخراف و الدجاج كلها بيعت



وجدت عنده غنمة واحدة كانت جدتي تحلبها كل صباح و كانوا يعتنون بها في حوش المنزل
الخلفي كان فيه شجرة رمان و اخرى تين و ثالثة جوز كنت احب الرمان في كل صباح افتح
النافذة و امد يدي لاقطف كوز رمان و اخرج للبلكونة كانت تطل على ولدي في هذا الوادي
كان يوجد قرية فبيت جدي كان في ضيعة على رأس جبل و كانت الشرفة تطل على الوادي و
على تلك القرية كان منظرا رائعا كنتا اكل كوز الرمان و انا محلقا في الفضاء فوق تلك
القرية ارى قطيع الغنم يقودها بيتر (اسف ابن عمي) ليذهب و يرعاها في الطرف الآخر من
الجبل كان يسوق الغنم و البقر تماما مثل هايدي

عشت تلك الحياة على مدى شهر و نصف كانت من اجمل ايام حياتي التي قضيتها مع الطبيعة




كنت يوميا استيقض على دوي المدافع كان كالمنبه يوقضني في الصباح الباكر



استيقض و اغادر البيت على اول خيوط الضياء اتوجه للمسج في اعلى القرية لصلاة الفجر
لم أكن دائما اول من يصل في احد المرات استيقضت مبكرا فذهبت لاكون اول الواصلين لكن
تفاجئت بان المسجد مغلق فانتظرت الى ان اتى المسؤل و فتحه (احد ابناء عم والدي)
فسألته ليش تقفل المسجد مش هو بيت الله (كان عمري آنذاك 9 سنوات) فقال لي علشان
الحيوانات ما تدخل في الليل عليه و توسخه مثل القطط و اكلاب و غيرها ففهمت كنا
نتوضاء بواسطة دلو كان يملئونه من بئر محفور بجوار المسجد فبسبب القصف المستمر كانت
الكهرباء دائما مقطوعة كنا نسهر اليالي على اضواء القناديل اللتي تعبئ بالكيروسين (كاز)
اذا ما اشتغلت الكهرباء كنا نسوي حفلة و علطول على التلفزيون كانوا يعرضوا ريمي
قريبا من المغرب وقد شاهدة تلك الحلقة عندما يقابل الفتاة الثرية و التي تحب ان
تنفخ الفقاقيع



في احد الليالي كانت الكهرباء واصلة كنت جالسا على شرفة المنزل اتامل القرية في
اسفل الوادي و انوار البيت المشتعلة و السيارات القادمةو الذاهبة بشكل رائع اسمع
اصوات الراديوا و حديث الناس و اثناء ذلك وانا سارح في المنظر الرائع





ارى في مكان ليس بالبعيد بريق قوي اشبه بفلاش كاميرا اضيء في وجهك على غفلة اغمضت
عيني لافتحها على سواد غطى المنطقة بكاملها الا من بضع نقاط منيرة تتحرك كانت اضواء
القناديل و عن بعد كانت السنة اللهب تتصاعد في السماء كان صاروخ موجه اصاب محطة
الكهرباء فانقطع التيار الكهربائي عن المكنطقة باكملها و غطت في ظلام حالك السواد



عدت الى فراشي و انا احلم باني الدوق فليت و قد اقتحمت القواعد الصهيونية و دمرتها
و عاد النور الى تلك الضياع و القرى المحيطة .



في الصباح كان يعرض سندباد شاهدة الحلقة التي تعود فيها يسمينة الى فتاة جميلة و
اذكر اني شاهدت الحورية الصغيرة



كنت كل صباح بعد ان تشرق الشمس و يذهب الراعي بالماشية اخرج الى الشارع كانت تملؤه
رائحة الغنم و عبير الصباح اذهب الى عمتي الكبيرة (شقيقة جدي) كان احفادها في مثل
عمري كنت اتناول الفطور معهم و اشاهد التلزيون فقد كان لديهم تلفزيون يعمل
بالبطارية كنا نتابع الكرتون و بعد ان ينتهي الكرتون كنا نلعب المونوبولي و احيانا
كنا نلعب الريسك



بعد الظهر كنت اذهب لعند عمي فابنائه من جيلي و بعضهم اكبر مني كما ان بيتيه يتميز
بوجود شجرة توت كل ما ذهبت اليهم تسلقت ابنة عمي لتقطف لي بعض التوت و تنزل لنأكله
سوية




و عند غروب الشمس كان يأتي موعد الفلافل فعمي الآخر كان يعد في النهار خلطة فلافل
ليقليعا في المساء و يبيعها كسندويتشات كانت فلافل رائعة كل محتوياتها طازجة و تم
اعدادها في المنزل بواسطة زوجة عمي و بناته و السلطة كانت شهية فهو كان يزرعها في
حديقة صغيرة تابعة لمنزله كنت يوميا آخذ شطيرة (بعض الناس بينقهرو


) فلافل من اروع ما تكون آكلها و اروح انام طبعا كنت انا ابن الاخ المدلل لعمي
فكانت السندوش هدية منه يوميا لي تقريبا كنت الطفل المدلل عند جميع اعمامي و عماتي
بل و حتى عند جدي



الحال كان يختتلف عند اهل ماما فلدي تسع اعمام و ست عمات بينما لدي خالة واحدة و
اربع اخوال كل واحد منهم في بلد ما كان يميز بيت جدي والد امي وجود عريشة عنب لديه
في حوش المنزل كنت احيانا احظر دلو و اضعه تحت عقود عنب و اسقط العنقود بواسطة عصا
طويلة ليقع في الدلو اغسلها ثم اجلس عن الباب لأكلها جيران جدي والد امي هم من كان
لديهم ابنة تقراء قصص المغامرين الخمسة و المغامرين الثلاثة



في تواجدي في لبنان تحديدا في الضيعة لم افوت ولا يوم من التمتع بالشروق و الغروب
فهي اجمل اللحظات شروق الشمس و كيف تجد شعاع الضوء يسقط على جزء من القرى في سفح
الجبل و نرى كيف يتحرك و يمتد الضوء ليغطي باقي القرى و كنت اراقب الغروب يوميا
فارى لون السماء يتغير من الاصفرار و يميل الى الحمرة شيئا فشيئا مرورا بالبرتقالي
ثم يختفي ليعم سواد الليل و يغطي القرى بظلاله



كان عبير الصباح له طعم رائع فقط قف عند الباب و تنفس بعمق لتشعر بنشاط كبير

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سايكي و ايروس

أسطورة أورفيوس و يوريدس # معزوفة حب حزينة

الشخصيـــــة الســـــــــاحرة