الفصل الرابع ### الحادث المؤلم



تزوجا و أقاما حفل زفاف صغير على نطاق العائلة و سكنا في شقتين متقابلتين كل منهما تحتوي على غرفة نوم و صالة و غرفة معيشة

كان الأخوين متشابهين بكل شيء في اللبس و ذوقهما كانا يخرجان مع أول خيوط الفجر للعمل و الكد ليرجعا في آخر النهار إلى البيت وقد أعياهما التعب لتستقبلهما زوجتيهما بالترحاب و القبلات

بالرغم من بساطة حياتهما إلا أنهما كانوا سعداء جدا وقد غنيا بالقناعة فالقناعة كنز لا يفنى

بعد عدة أشهر كبرت بطني الزوجتين و مع بزوغ فجر الخامس عشر من فبراير شباط وعند ولادة أول نهار من فصل الربيع انطلقت صرختين لطفلين قد خرجا للدنيا حديثا

فتى و فتاة كانا في غاية الجمال و الحسن كبر الطفلان و والديهما لم يكونا يبخلا عليهما بشيء

وعند بلوغهما عامهما الثالث وكعادة الوالدين كل عام في تاريخ زواجهما كانا يجتمعون في حديقة في وسط العاصمة حيث التقوا أول مرة ليعيدوا ذكرى تلك الأيام الرائعة

أثناء عودتهم إلى البيت وفي الطريق حدث انفجار أطاح بهم قتلى ، انفجار يتم الطفلين

كان في العمارة رجل كبير في السن يبلغ الخمسين عاما كان يقطن في الشقة إلى جوارهما ن عطف عليهما بعد أن رأى ما حصل لهما من يتم و قرر تبنيهما

استطاع التكفل بهما فهوا يمتلك إستديو تصوير وتحميض صغير في زقاق قريب من سكنه

كبر الفتى و الفتاة و بلغا سن الثامنة عشر و أصبح الرجل عجوزا هرما لم يعد يقوى على العمل فقررا متابعة العمل وانتسبا إلى جامعة كلية الطب فقد كان مجموعهما كبير و حصلا على قبول

لكن المصاريف كثيرة فاضطرا إلى التناوب في العمل في إستديو التصوير بعد هذا بعدة أسابيع وافت المنية الرجل الهرم الطيب الذي تبناهما و رباهما

قبل وفاته أعطاهما صندوق كان هذا الصندوق يحتوي على الرسائل التي كانت بين والديهما ووالدتهما فعرفا القصة كاملة و قررا زيارة المكان و الجلوس على نفس الكرسي الذي كانوا جالسين إليه

وقررا إكمال تلك الذكرى

عندما كانا يتبادلان التناوب على العمل في الإستديو كانوا يودعوا بعضهما بقبلة على الجبين و عندما يلتقيان أيضا

فقد أحبا بعضهما في طفولتهما و كبر حبهما مع الأيام كانا متممين لبعضهما البعض كل من رآهما حسدهما على جمالهما وحسنهما وكان يتوقع الجميع أن ينتهي بهما الأمر بالزواج

فخلال تلك الأعوام كان حبهما لبعضهما يكبر شيئا فشيئا كان حبا طاهرا نقيا خاليا من أي ميول جنسية أو شهوانية حتى أنهما كان يسكنان في نفس الشقة و كلاهما محتشمين فقد تربيا و نشئا في بيئة محافظة

كان حبهما كجوهرة كبيرة من الماس النقي الشفاف

كانا إذا ما خرجا من البيت للذهاب في نزهة يمسك كل منهما بيد الأخر تتشابك الأيدي و يسيران سوية جنبا إلى جنب

كانا في كل مساء العطلة يخرجان إلى حديقة بالقرب من البيت و يستند الشاب إلى الشجرة رافعا قدمه اليسرى لتسند الشابة بضهرها على قدمه و يراقبا النجوم في السماء

في عيد ميلادهما ألـ 22 ذهبا إلى الحديقة لإحياء ذكرى أهلهما و بنفس الوقت كان عيد ميلادهما فاتحها الفتى بأمر الزواج ووافقت و حددا موعدا للزواج في مثل هذا اليوم من العام القادم بعد تخرجهما ليكون حفلا كبير

ففي نفس هذا اليوم التقى الأهل و في نفس اليوم ولدا هما و في نفس اليوم يريدان الارتباط

بعدة أسابيع كان هناك ضغط عمل شديد على نوبة عمل الشاب ولم يراعي شروط الأمانة و السلامة التي علمهما إياها الرجل الطيب

حيث قال لهما "إن هذا الحمض خطير جدا فلا تضعوه في مكان مرتفع أو على الحافة" .

تجاهل هذا الأمر ووضع وعاء الحمض على حافة الرف العلوي و نسي إغلاقه بإحكام ، فقد كان مشغول بالعمل و يشغل باله الامتحان

أتت الشابة و تبادلا القبل (على الجبين) وودعا بعض دمعت عينا الشابة فشيء ما بداخلها اخبرها أن هذا قد يكون لقائهما الأخير

غادر الشاب على عجل و ذهب إلى كليته ليقدم الامتحان بينما الشابة عادت لتكمل العمل الذي لم يتمكن من إنهائه الشاب و مدت يدها لتحضر وعاء الحمض

فانسكب على وجهها مما تسبب لها بضرر و صرخت صرخة عالية تجمع جميع الجيران حول المحل و حضرت الإسعاف و تم أخذها على عجل إلى المشفى

قال الطبيب بان وجهها تشوه بشدة و تحتاج إلى عمليات تجميل قد تستغرق أكثر من عامين ، هذا بالإضافة إلى أنها فقدت عينيها .

بعدة عدة أسابيع أزال الضمادة عن عينيها ليعود لها بصرها و استغرقت عمليات التجميل عدة شهور أخرى تجاوزت العامين .

خلال فترة تواجدها بالمشفى لم يقم الشاب بزيارتها ولا مرة ولم يتصل بها حتى استغربت هي وخلال تلك راودتها أفكار كثيرة

لقد أصبحت عمياء و مشوهة فربما هو لا يريد الارتباط بشابة عمياء مشوهة .

لكنها الآن عاد بصرها لها و عادت جميلة كما السابق و غدا ستخرج من المشفى و تذهب إلى المنزل وترتمي بين أحضانه

كانت تفكر بكيف ستعاتبه وماذا ستقول له

غادرت المشفى و كان الحساب مدفوع بالكامل ذهبت على عجل إلى المنزل مرت بطريقها على الإستديو لتجده قد أصبح مكانه محل للصيرفة

صعدت إلى الشقة تقفز على الدرجات قفزا لتصل إلى الشقة و كلها تعجب و تساؤلات ماذا يحدث .

فتحت الباب لكنه لم يفتح !!! دقت الجرس فلم يجبها احد ؟؟؟!!!

مدت يدها إلى حافة الباب من الأعلى لتجد المفتاح هناك (فقد كانوا يتركون المفتاح هناك) وفتحت الباب إلا أنها تفاجئت جدا ...

فجميع الأثاث كان مغطى بأكياس من النايلون و كان البيت مهجور منذ أعوام قامت بترتيب المنزل و سالت عن الشاب قالوا لها إنهم لم يروه أبدا منذ أن باع الإستديو

ذهبت إلى محل الصيرفة و سالت صاحب المحل عن الشاب قال لها لقد باعني الإستديو و شقتين مقابل أن ادفع تكاليف علاج فتاة شابة بالمستشفى ولم أره منذ ذاك اليوم .

حزنت الشابة حزنا شديدا فقد اختفى الشاب ابن عمها اختفى ابن خالتها اختفى أين ذهب ماذا حدث له

غرقت في البكاء و في اليوم التالي عادت إلى الكلية و أدت امتحانها و نجحت بامتياز و تعينت في مستشفى حكومي بالقرب من الحي

بعد بضعة أيام ستبلغ عامها الـ28 مضى أكثر من 5 أعوام على آخر مرة شاهدته فيها

في عيد ميلادها ال28 قررت الذهاب إلى الحديقة ، لتحي ذكرى والديها و تتذكر ذلك اليوم الذي طلب يدها للزواج

وعند ذهابها إلى الحديقة وجدت شاب جالس على نفس الكرسي بجواره وردة حمراء على الكرسي و يمسك بيده حزام مرتبط بطوق حول رقبة كلب يستخدم لقيادة الضرير

وقف هذا الشاب وقال لكلبه هيا يا بوب لنذهب إلى المركز تحرك الكلب ووقف أمام الشابة فقد اعترضت طريقه

فهذا الصوت لم يفارق خيالها طوال تلك الأعوام الخمسة انه هو نفس الصوت ماذا حدث لماذا هو ضرير قال لكلبه هيا بنا يا بوبي لنتابع الطريق فأزاحت له الطريق ليتابع سيره

وتبعته إلى المركز دخلت إلى المركز خلفه و قابلت طبيبة كانت برفقتها في الكلية فسألتها عن الشاب .

فقالت لها إن هذا الشاب كان على وشك دخول امتحان الطب ليتخرج طبيبا جراح و اتصلوا عليه و اخبروه أن خطيبته سقط الحمض على وجهها و إنها في طريقها إلى المشفى فترك الامتحان و خرج مسرعا إلى المشفى عندما علم بأنها أصبحت عمياء قرر أن يهبها عينيه
لترى العالم بهما

غرقت الشابة في البكاء فسألتها الطبيبة لماذا تبكي فكان ردها أنا هي تلك الفتاة التي ترى العالم بعينيه . . .

أي تشابه بينها و بين الحقيقة فهو متعمد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سايكي و ايروس

أسطورة أورفيوس و يوريدس # معزوفة حب حزينة

الشخصيـــــة الســـــــــاحرة